سورة الجاثية - تفسير تفسير الألوسي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجاثية)


        


{مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلَا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلَا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (10)}
{مّن وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ} أي من قدامهم لأنهم متوجهون إليها أو من خلفهم لأنهم معرضون عن الالتفات إليها والاشتغال عما ينجيهم منها مقبلون على الدنيا والانهماك في شهواتها، والوراء تستعمل في هذين المعنيين لأنها اسم للجهة التي يواريها الشخص فتعم الخلف والقدام، وقيل في توجيه الخلفية: إن جهنم لما كانت تتحقق لهمبعد الأجل جعلت كأنها خلفهم {وَلاَ يُغْنِى عَنْهُم} ولا يدفع {مَّا كَسَبُواْ} أي الذي كسبوه من الأموال والأولاد {شَيْئًا} من عذاب الله تعالى أو شيئًا من الإغناء على أن {شَيْئًا} مفعول به أو مفعول مطلق {وَلاَ مَا اتخذوا} أي الذي اتخذوه {مِن دُونِ الله أَوْلِيَاء} أي الأصنام.
وجوز أن تفسر {مَا} بما تعمها وسائر المعبودات الباطلة، والأول أظهر، وجوز في {مَا} في الموضعين أن تكون مصدرية، وتوسيط حرفي النفي بين المعطوفين مع أن عدم إغناء الأصنام أظهر وأجلى من عدم إغناء الأموال والأولاد قطعًا مبني على زعمهم الفاسد حيث كانوا يطمعون في شفاعتهم، وفيه تهكم {وَلَهُمْ} فيما وراءهم من جهنم {عَذَابٌ عظِيمٌ} لا يقادر قدره.


{هَذَا هُدًى وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ لَهُمْ عَذَابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ (11)}
{هذا} أي القرآن كما يدل عليه ما بعد وكذا ماقبل ك {يسمع آيات الله} [الجاثية: 8] و{إذا علم من آياتنا} [الجاثية: 9] و{تِلْكَ آيات الله نَتْلُوهَا} [الجاثية: 6] {هُدًى} في غاية الكمال من الهداية كأنه نفسها {والذين كَفَرُواْ بئايات رَبّهِمْ} يعني القرآن أيضًا على أن الإضافة للعهد، وكان الظاهر الإضمار لكن عدل عنه إلى ما في النظم الجليل لزيادة تشنيع كفرهم به وتفظيع حالهم، وجوزأن يراد بالآيات ما يشمله وغيره.
{لَهُمْ عَذَابٌ مّن رّجْزٍ} من أشد العذاب {أَلِيمٌ} بالرفع صفة {عَذَابِ} أخر للفاصلة.
وقرأ غير واحد من السبعة {أَلِيمٌ} بالجر على أنه صفة {رِجْزَ}، وجعله صفة {عَذَابِ} أيضًا والجر للمجاورة مما لا ينبغي أن يلتفت إليه، وقيل: على قراءة الرفع إن الرجز عنى الرجس الذي هو النجاية، والمعنى لهم عذاب أليم من تجرع رجس أو شرب رجس والمراد به الصديد الذي يتجرعه الكافر ولا يكاد يسيغه ولا داعي لذلك كما لا يخفى، وتنوين {عَذَابِ} في المواقع الثلاثة للتفخيم، ورفعه إما على الابتداء وإما على الفاعلية للظرف.


{اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (12)}
{الله الذى سَخَّرَ لَكُمُ البحر} بأن جعله أملس السطح يطفو عليه ما يتخلخل كالأخشاب ولا يمنع الغوص فيه {لِتَجْرِىَ الفلك فِيهِ بِأَمْرِهِ} بتسخيره تعالى إياه وتسهيل استعمالها فيما يراد بها، وقيل: بتكوينه تعالى أو بإذنه عز وجل، وسياق الامتنان يقتضي أن يكون المعنى لتجري الفلك فيه وأنتم راكبوها.
{وَلِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ} بالتجارة والغوص والصيد وغيرها {وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} ولكي تشكروا النعم المترتبة على ذلك، وهذا أعني {الله الذى سَخَّرَ} إلخ ذرك تتميمًا للتقريع ولهذا رتب عليه الأغراض العاجلة فإنه مما يستوجب الشكر غالبًا للكافر أيضًا فكأنه قيل: تلك الآيات أولى بالشكر ولهذا عقب بما يعم القسمين أعني قوله سبحانه:

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8